شرح جريمة عدم تسليم طفل
حديث العهد بالولادة في القانون الجزائري جريمة عدم تسليم طفل حديث العهد بالولادة موضوع تحت رعاية الغير
جريمة عدم تقديم طفل حديث العهد بالولادة إلى ملجا أو مؤسسة خيرية
جريمة عدم تسليم طفل حديث العهد بالولادة مخالفة لحكم قضائي
مقدمة :
حرص المشرع الجزائري على رعاية الطفل اجتماعيا وذلك من خلال اتخاذه عدة خطوات من أجل تنمية حقوقه، كحقه في الرعاية ولتكريس هذا الحق يتعين على القانون من لحظة ولادته أن يفصل لمن له الحق في حضانته، لذا فقد أورد قانون العقوبات الجزائري نصوص تحمي هذا الحق وتعاقب على الإخلال به وعدم الالتزام بما تضمنه الأحكام القضائية حول مصير هذا الطفل مطلقة، فأي غموض بشأن تحديد لمن له الحق في حضانته سيؤدي باعتباره في مرحلة ضعف ذلك إلى تعريضه للخطر بمعنى عدم استقراره في وسطه العائلي وكذا الاجتماعي، وعلى هذا تحت رعايته طفلا تسلميه إلى للأشخاص الذين لهم الحق في يتعين على كل شخص وضع المطالبة به. أولا : جريمة عدم تسليم طفل حديث العهد بالولادة موضوع تحت رعاية الغير :
تعتبر هذه الجريمة من أخطر الجرائم الماسة بنظام الأسرة فهي تتمثل في امتناع الشخص تحت رعايتهم إلى الأشخاص الذين لهم سلطة علية كأصوله عن تسليم الطفل الذي وضع الشرعيين أو الذين يتولون رعايته، باعتبارهم يملكون حق المطالبة به وهو ما بينه المشرع الجزائري في المادة 327 من قانون العقوبات «كل من لم يسلم طفلا موضوعا تحت رعايته إلى الأشخاص الذين لهم الحق في المطالبة به يعاقب بالحبس من سنتين إلى خمس سنوات «
والملاحظ في هذه الجريمة أن المشرع الجزائري لم يحدد سن الطفل، منه يمكن القول أن هذه الجريمة قد تقع على الأطفال حديثي العهد بالولادة، كما أنها لا تمس بشخصية الطفل، ومن جهة أخرى يلاحظ أن المشرع الجزائري لم يوجب في هذه المادة ضرورة صدور حكم قضائي يقضي بتسليم الطفل، فمن الوجهة القانونية فإن حق المطالبة بطفل تعود لمن له الحق الطبيعي في حضانته، فأي تعمد أو إهمال من طرف الشخص الذي تولى رعاية الطفل والذي لا يقوم بتسليم إلى من له الحق في المطالبة به يعد مقترفا لهذه الجريمة أما إذا ثبت المتهم أنه لم يمتنع عن تسليم الطفل الموضوع تحت رعايته فإنه لن يكون محلا للعقاب . أركان هذه الجريمة : 1-الركن المادي
لا تقوم هذه الجريمة إلا إذا توفرت على مجموعة من الشروط والتي يمكن أن نستخلصها من خلال نص المادة 327 من ق ع ج، فهي تشترط أن يكون الطفل سلم لشخص قصد رعاية أو لتكافل به سواء كان الطفل قاصر أو صغيرا جدا، ومنه يمكن القول أن هذه الجريمة قد تكون محل اعتداء على الأطفال حديثي العهد بالولادة باعتبار أن المشرع لم سن معين لطفل الضحية في المادة السالفة الذكر ولم يحدد أيضا من هم الأشخاص الذين يكونون تحت رعايتهم، فقد يكون هذا المتكفل أحد أفراد عائلة الطفل الجديرين بالثقة أو تسليمه إلى أحد أقاربه، وهو ما بينه المشرع الجزائري في المادة 35 من ق ح ط ، وبتالي فكل شخص مهما كانت صفته أو علاقته مع الطفل سواء كان كفيله أو واليه أو مربيته أو مديره في المركز المخصص لحماية الطفولة يكون ملزما قانونا بتسليمه الطفل لمن له الحق في التكافل به فأي تخلف عن ذلك يجعل الفاعل يقع تحت طائلة المادة 327 من ق ع ج.
أما بالنسبة للأشخاص الذين لهم الحق في المطالبة به فهو مقتص على الشخص الذي يتمتع بحق الحضانة كالأب، الأم أو الوصي، بصرف النظر ما إذا كان الطفل قد وكل إلى المتهم بطريقة غير مباشرة .
وبالنسبة لسلوك الجاني المتمثل في امتناعه عن تسليم الطفل الملاحظ أن المشرع الجزائري لم يحدد أي سلوك قد ينجر عنه امتناعه عن التسليم بمعنى أن الجاني قد يلجأ وسائل مادية ومثل عن ذلك إبعاد الطفل حديث العهد بالولادة عن مكان تواجده، وعن كل الأنظار، كما قد يمتد هذا السلوك إلى الامتناع الشفوي عن تسليم الطفل حديث العهد بالولادة. 2 -الركن المعنوي
تعتبر هذه الجريمة من الجرائم القصدية والعمدية، ولقيامه يجب أن يكون لدى الجاني نية الجرم من وذلك من خلال إتيان سلوك الرفض أو الامتناع أو التعمد عن تسليم الطفل الذي كان تحت رعايته لمن له الحق في المطالبة به أو الامتناع عن الإدلاء بمكان تواجد الطفل الموضوع تحت رعايته. ثانيا: الجزاء
حسب نص المادة 327 من قانون العقوبات تعتبر هذه الجريمة جنحة لذلك أقر لها المشرع الجزائري عقوبة حبس من سنتين إلى 5 سنوات . ثانيا : جريمة عدم تقديم طفل حديث العهد بالولادة إلى ملجا أو مؤسسة خيرية :
تتحقق هذه الجريمة حسب نص المادة 442 فقرة 3 من قانون العقوبات في كل شخص وجد طفل حديث العهد بالولادة ولم يسلمه إلى ضابط الحالة المدنية كما يوجب ذلك القانون ما لم يوافق على أن يتكفل به ويقر بذلك أمام جهة البلدية التي عثر على الطفل في دائرتها، فهي مقتصرة على إخلال الشخص بعدم التزامه بتسليم هذا الطفل إلى السلطات المعنية بحمايته إذ لم تكون له الرغبة بالتكفل به وهو ما أكدته أيضا المادة 67 فقرة 1من الأمر رقم 70-20 المتعلق بالحالة المدنية وعليه فإن مخالفة هذه الأحكام يعد جريمة تعاقب عليه المادة 442 فقرة 3 من ق ج. أولا: أركان جريمة عدم تسليم طفل حديث العهد بالولادة إلى ملجأ أو مؤسسة خيرية 1-الركن المادي
يتعلق الركن المادي في هذه الجريمة بسن الطفل الذي لا يتجاوز سن السبع السنوات كاملة مكلفا أو ملزما بتوفير الطعام للطفل مجانا ورعايته سواء كان ذلك وأن يكون الجاني شخص الالتزام مصدره القرابة كالجد والجدة والأخ والأخت والعم والعمة والخال والخالة أو عقد كفالة وبتالي يتضح لنا أن هذه الجريمة لا تقوم في حق الوالدين كما لا تقوم في حق الشخص الذي وجد طفل حديث العهد بالولادة وقدمه للملجأ . 2 -الركن المعنوي
تتطلب هذه الجريمة كغيرها من الجرائم توفر القصد الجنائي، وإن كان الوصف الجزائي لها مخالفة هي تتم بمجرد انصراف إرادة الجاني إلى تقديم الطفل إلى ملجأ أو مؤسسة خيرية بعد أن سلم له قصد رعايته، فلا تقوم هذه الجريمة في حق من هو غير مكلف أو غير ملزم برعاية الطفل فلا يمكن مسائلته جزائيا. ثانيا: العقوبة المقررة لجريمة عدم تسليم طفل حديث العهد بالولادة إلى ملجأ أو مؤسسة خيرية
هذه الجريمة عبارة عن مخالفة حسب نص المادة 442 من قانون العقوبات حيث يعاقب مرتكبها بالحبس من عشر أيام على الأقل إلى شهرين على الأكثر وبغرامة من 8000 إلى 16.000 دج. ثالثا : جريمة عدم تسليم طفل حديث العهد بالولادة مخالفة لحكم قضائي :
نجد أن أهم الجرائم الواقعة على نظام الأسرة هي جريمة عدم تسليم طفل مخالفة لحكم قضائي فهي تعد من أخطر الجرائم الماسة بحق الطفل، خاصة الأطفال حديثي العهد بالولادة باعتبارها تودي عدم استقرار الطفل في وسطه العائلي، وعدم منحه كل الرعاية المتطلبة من كلا الوالدين فهذه الجريمة تتفق مع جريمة عدم تسليم الطفل موضوع تحت رعاية الغير من حيث المحل، فهي تقوم أيضا من خلال الامتناع عن تسليم الطفل لمن له الحق المطالبة فالاختلاف الوحيد بينهما يكمن في أن هذه الجريمة تتم من خلال صدور حكم قضائي يبين فيه من له الحق في المطالبة به، كما أن المشرع الجزائر أيضا جعل من الولدين عنصرا هاما لقيام هذه الجريمة وهذا على خلاف الجريمة السالفة الذكر التي لم تذكر تتطرق إلى عنصر الوالدين، فمسألة طلاق الزوجين هي السبب الرئيسي الماسة بمصلحة الطفل مما يتعين بتال ضرورة تحديد الطرف الأقدر لرعاية هذا الطفل والاهتمام بشؤونه، فبالرجوع إلى نص المادة 328 من قانون العقوبات يلاحظ أن المشرع الجزائري قد فرض عقوبة على الجاني وذلك قصد ضمان مصلحة المحضون، ويشترط أيضا لقيام هذه الجريمة ضرورة صدور حكم قضائي نافذا كما هو الشأن بالنسبة للأوامر القضائية المشمولة بالنفاذ المعجل.
والملاحظ أيضا أن المشرع الجزائري لم يحدد سن الطفل المحضون فهذه الجريمة فقد اكتفى بذكر عبارة «... لا يقوم بتسليم قاصر» وباعتبار أن هذه المسألة مرتبطة بحضانة الطفل فهي بطبيعة الحال راجعة إلى قانون الأسرة وبتحديد المادتين 70 و65 من ق أج فقد قضت هذه الأخيرة أن انقضاء مدة انقضاء الحضانة بالنسبة لذكر تكون ببلوغه سنة 16 أما بالنسبة للإناث فتكون ببلوغها 18 سنة حسب المادة 70 من نفس القانون، ومنه فإن القاصر الذي قصده المشرع الجزائري هنا هو من بلغ سن السادس عشر بالنسبة لذكور والثامن عشر بالنسبة للإناث وباعتبار أن جريمة عدم تسليم الطفل مخالفة لحكم قضائي منظمة في قانون العقوبات ومنه يمكن القول أنه مهما كان سن الطفل الذي قصده المشرع الجزائري سواء كان أقل من 18 سنة أو 16سنة فإن هذه الجريمة تبقى قائمة.
كما يمكن القول أيضا في هذا الصدد أن هذه الجريمة قد تقع أيضا على الأطفال حديثي العهد بالولادة على الرغم من أن المشرع الجزائري لم يسلط الضوء على هذه الفئة بعبارة صريحة إلا أنه قد يكون الطفل حديث العهد بالولادة أيضا ضحية تفكك الأسري إذ هناك حالات أين تمتنع الأم عن تسليم طفلها الحديث لأبيه على الرغم من أن صدور الحكم القضائي بشأن حضانته قضي في حقه والعكس صحيح، وباعتبار أن الأطفال حديثي العهد بالولادة في مرحلة جد حساسة فيتعين على الولدين بتالي توفير لهم حماية كاملة لضمان نموهم السليم ومنحهم كل الحنان خاصة حنان أمه الذي لا يقدر بأي ثمن وكذا إطعامهم فأي إهمال من طرف الوالدين قد يجعل الطفل يفقد أهم حقوقه الجوهرية كحرمانهم في العيش داخل وسط أسري، فحرمانهم من ظروف العناية والحماية من شتى الجوانب خاصة من الناحية المعنوية في مرحلته الأولى من عمره التي تؤدي لدى الكثير من الأطفال عقدا نفسية قد يعانون منها كثيرا في حياتهم المستقبلية أولا: أركان جريمة عدم تسليم طفل حديث العهد بالولادة مخالفة لحكم قضائي. 1-الركن المادي
تتحقق هذه الجريمة عن طريق تحقق إحدى الصور المنصوص عليها في المادة 328 ق ع ج «يعاقب بالحبس من شهر إلى سنة وبغرامة من 20.000 إلى 100.000 دج، الأب أو الأم يعتبر و أي شخص أخر لا يقوم بتسليم قاصر قضي في شأن حضانته بحكم مشمول بالنفاذ المعجل أو بحكم نهائي إلى من له الحق في المطالبة به وكذلك كل من خطفه ممن وكلت إليه حضانته...»
فهذه الجريمة من الجرائم السلبية التي تتحقق بمجرد امتناع الجاني عن تسليم الطفل الموضوع تحت رعايته لمن لها لحق فى المطالبة به، فتطبيق هذه المادة يبقى تطبيقها بضرورة وجود حكم قضائي مشمول بنفاذ المعجل أو حائز لقوة الشيء المقضي فيه، فهذا المحضر يتم الاستناد إليه لإثبات من له الحق في حضانته، وبالنسبة لسلوك الامتناع نجد أن المشرع الجزائري لم يحدد عنه فقد إما ماديا أو شفويا كما أشارنا إليه سابقا في جريمة عدم تسليم الطفل طريقة ما لتعبير يتم موضوع تحت رعاية الغير.
كما تشترط أيضا المادة السالفة الذكر أن يكون صاحب الحق للمطالبة به يتمتع بسلطة الأبوية الممنوحة من طرف القانون ففي حالة انفصال الأبوين يمكن لأحدهما المطالبة بتسليم الطفل في حدود صدور حكم بالنفاذ المعجل ، أو من طرف الوصي أو الكفيل، مع الإشارة أن المشرع الجزائري قد جرم فعل خطف القاصر أو حمل الغير على فعل ذلك، ففي هذه الحالة تتعدد الجرائم المركبة من طرف الجاني إذ يعد مرتكب لجريمة الخطف المنصوص عليها في المادة 239 مكرر وجريمة عدم تسليم طفل مخالفة لحكم قضائي المنصوص عليها في المادة 328 من ق ع. 2-الركن المعنوي
تعتبر هذه الجريمة من الجرائم القصدية، فهي تتطلب أن تتوفر لدى الجاني نية الجرم من خلال تعمده ورفضه تسليم الطفل الذي كان تحت رعايته لمن له سلطة في المطالبة به، ولامتنا ع عن الإدلاء بمكان تواجد الطفل الموضوع تحت رعايته، فهي كغيرها من الجرائم التي تتطلب قصد الجنائي والذي يتمثل في علم الجاني بالحكم القضائي الذي يتعين أن نافذا واتجاه إرادته إلى معارضة هذا الحكم، فإذا تحققت النتيجة الإجرامية المتمثلة في اختطاف الطفل المحضون فعلا سواء كان ذلك بطريقة مباشرة أو بطريق غير مباشرة فإن الفاعل يسأل عن هذا التصرف الذي يؤدي بحرمان الطفل من مكانته في وسطه العائلي ثانيا: العقوبة
حسب نص المادة 328 من ق ع ج فإن عقوبة هذه الجريمة هي الحبس من شهر إلى سنة وغرامة من 20.000 الي 100.000 دج .