شرح الإختصاصات المخولة لمجلس الدولة إن مجلس الدولة يمارس نوعين من الوظائف، فله وظيفة استشارية و وظيفة قضائية. لذا سأتناول فقط اختصاصاته كهيئة قضائية. يعد مجلس الدولة هيئة مقومة لأعمال الجهات القضائيةولقد حددت كل من المواد 09 و 10 و 11 من القانون العضوي رقم 98/01 من جهة وكذا المواد 901 و 902 و 903 من القانون رقم 08-09 من جهة أخرى، اختصاصات مجلس الدولة حيث يفصل في ثلاث وضعيات : - محكمة أول وآخر درجة (قاضي اختصاص). - جهة استئناف (قاضي استئناف). - جهة نقض (قاضي نقض).
أولا: مجلس الدولة كمحكمة أول و آخر درجة ( قاضي اختصاص ) لقد نصت المادة 09 من القانون العضوي رقم 98- 01 على: " يفصل مجلس الدولة ابتدائيا و نهائيا في :
1- الطعون بالإلغاء المرفوعة ضد القرارات التنظيمية أو الفردية الصادرة عن السلطات الإدارية المركزية و الهيئات العمومية الوطنية و المنظمات المهنية الوطنية،
2- الطعون الخاصة بالتفسير و مدى شرعية القرارات التي تكون نزاعاتها من اختصاص مجلس الدولة ".
ولقد ذهبت المادة 901 من القانون رقم 08-09 إلى نفس المذهب حيث حصرت اختصاص مجلس الدولة في دعاوى الإبطال و التفسير و تقدير الشرعية ضد القرارات الصادرة عن السلطات الإدارية المركزية، كما يختص بالفصل في القضايا المخولة له بموجب نصوص خاصة.
و عليه و بالرجوع إلى ما قلناه عن مضمون المادة 801 من قانون الإجراءات المدنية و الإدارية، بتمييزها بين المؤسسات العمومية المحلية ذات الصبغة الإدارية و المؤسسات العمومية الوطنية ذات الصبغة الإدارية فهذه الأخيرة و بمفهوم المخالفة يعقد اختصاص النظر في دعاوى إبطال قراراتها و تفسيرها و فحص شرعيتها لمجلس الدولة، حيث يفصل فيها بحكم ابتدائي نهائي.
و من المنازعات التي تقررها نصوص قانونية خاصة، الطعون المقدمة ضد قرارات لجنة الطعن الوطنية المختصة بتأديب المحامين و القرارات التي يصدرها مجلس النقد و القرض.
كما يفصل مجلس الدولة استثناء في دعاوى التعويض وذلك بموجب نص المادة 276 من قانون الإجراءات المدنية ذلك في حال ما إذا كانت دعوى التعويض مرتبطة مع دعوى أخرى تكون من اختصاص مجلس الدولة أصلا وتتضمنها نفس العريضة.
ثانيا: مجلس الدولة كجهة استئناف ( قاضي استئناف ) نصت المادة 10 من القانون العضوي 98-01 على : " يفصل مجلس الدولة في استئناف القرارات الصادرة ابتدائيا من قبل المحاكم الإدارية في جميع الحالات ما لم ينص القانون على خلاف ذلك ". وورد في نفس السياق في نص المادة 902 من القانون 08-09 على ما يلي: " يختص مجلس الدولة بالفصل في استئناف الأحكام و الأوامر الصادرة من المحاكم الإدارية.
كما يختص أيضا كجهة استئناف، بالقضايا المخولة له بموجب نصوص خاصة ".
بهذا يكون النصان قد وضعا قاعدة ومبدأ عاما تكون بمقتضاه جميع القرارات الصادرة ابتدائيا من المحاكم الإدارية قابلة للطعن فيها بالاستئناف أمام مجلس الدولة إلا إذا نص القانون على خلاف ذلك.
ثالثا: مجلس الدولة كجهة نقض ( قاضي نقض ) وفقا لنص المادة11 من القانون العضوي 98-01 فانه: " يفصل مجلس الدولة في الطعون بالنقض في قرارات الجهات القضائية الإدارية الصادرة نهائيا، وكذا الطعون بالنقض في قرارات مجلس المحاسبة ".
وهذا نفس ما ذهبت إليه المادة 903 من قانون الإجراءات المدنية و الإدارية، فهنا يلعبمجلس الدولة دور قاضي النقض، وذلك في كافة القرارات الصادرة ابتدائيا و نهائيا عن المحاكم الإدارية، وكذا في الدعاوى التي يفصل فيها ابتدائيا و نهائيا، والطعون بالنقض في القرارات المستأنفة أمامه، والطعون بالنقض ضد قرارات مجلس المحاسبة.
من خلال دراسة اختصاص هياكل القضاء الإداري في الجزائر، يظهر لنا جليا أن اختصاصات المحاكم الإدارية قد عبر عنها المشرع بصورة مطلقة أكثر على ما جاء في وصف اختصاصات مجلس الدولة، حيث أن هذا الأخير ذكرت اختصاصاته مع بعض التقييد. ويظهر المجال الواسع لاختصاص المحاكم الإدارية في المادة 1 من القانون رقم 98-02 المتعلق بالمحاكم الإدارية حيث نصت على أن : "تنشأ محاكم إدارية كجهات قضائية للقانون العام "، وهذا ما أكد عليه المشرع في نص المادة 800 من القانون رقم 08/09 فجعل من المحاكم الإدارية هي صاحبة الولاية العامة للفصل في المنازعات الإدارية.
إلا أن المشرع في قانون الإجراءات المدنية و الإدارية أعطى مفهوما أكثر دقة مما جاء به في القانون 98-02 حيث خصها بالفصل في المنازعات ذات الطابع الإداري بشكل و تعبير صحيحين عما جاء في قانون المحاكم الإدارية الذي اعتبرها جهات قضائية للقانون العام دون تحديد، فالمقصود بهذا الأخير أن تكون الإدارة طرفا في النزاع ومتصرفة بجميع ما لها من امتيازات السلطة العامة مما يخضعها للقانون العام( القانون الإداري).